مؤسسة الجيش وإمكانية تحقيق مطالب الحراك الشعبي: قراءة في تصريحات الفريق أحمد قايد صالح --واد كنيس الجديد

مواضيع مفضلة

الخميس، 14 نوفمبر 2019

مؤسسة الجيش وإمكانية تحقيق مطالب الحراك الشعبي: قراءة في تصريحات الفريق أحمد قايد صالح --واد كنيس الجديد

مؤسسة الجيش وإمكانية تحقيق مطالب الحراك الشعبي: قراءة في تصريحات الفريق أحمد قايد صالح

لقد أكد الدستور الحالي من خلال ديباجته على أن الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني يتولى مهامه الدستورية بروح الالتزام المثالي والاستعداد البطولي على التضحية كلما تطلب الواجب الوطني منه ذلك، كما أكد أسمى القوانين في الجمهورية على اعتزاز الشعب الجزائري بجيشه الوطني الشعبي وبمديونيته له بالعرفان على ما بذله في سبيل الحفاظ على البلاد من كل خطر أجنبي وعلى مساهمته الجوهرية في حماية المواطنين والمؤسسات والممتلكات من آفة الإرهاب، وهو ما ساهم في تعزيز اللحمة الوطنية وفي ترسيخ روح التضامن بين الشعب وجيشه، فكان من واجب الدولة أن تسهر على احترافية الجيش الوطني الشعبي وعلى عصرنته بالصورة التي تجعله يمتلك القدرات المطلوبة للحفاظ على الاستقلال الوطني، والدفاع عن السيادة الوطنية، ووحدة البلاد وحرمتها الترابية، وحماية مجالها البري والجوي والبحري.

ومما لا شك فيه أن هذه المهام الدستورية الأصيلة للمؤسسة العسكرية لم تكن لتجعل الجيش الوطني الشعبي يغرد خارج السرب أو تترك له الفرصة ليدير ظهره للحراك الشعبي الذي شهدته الجزائر منذ 22 فبراير الماضي والذي طالب من خلاله الشعب الجزائري بتغيير جذري للنظام سعيا لتأسيس جزائر جديدة تنعم بالديمقراطية والحريات ولا سيد فيها إلا القانون وليس غيره.

يظهر حرص مؤسسة الجيش على الاستجابة لتطلعات الشعب من خلال التصريحات المتعاقبة لنائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح والتي ما فتئ يطلقها خلال زياراته المكوكية للنواحي والمؤسسات العسكرية عبر ربوع الوطن، تصريحات لو تتبعناها لوجدناها تبرز وبوضوح تناغم موقف الجيش مع صيحات الجماهير الجزائرية خلال عشر جمعات، والتي يمكن تلخيصها كالآتي:

تصريح 26 فيفري: من أقصى الجنوب، من الناحية العسكرية السادسة بتمنراست، وفي أول تعليق له على الاحتجاجات الرافضة لترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة، وعلى الرغم من أن نائب وزير الدفاع الوطني وصف دعوات الخروج إلى الشارع بـالنداءات المشبوهة التي ظاهرها التغني بالديمقراطية وباطنها جرّ هؤلاء المغرر بهم إلى مسالك غير آمنة بل غير مأمونة العواقب، مسالك لا تؤدي لخدمة مصلحة الجزائر ولا تحقيق مستقبلها المزدهر، واعتبر أن كل من يدعو إلى العنف بأي طريقة كانت تحت أي مبرر وفي ظل أي ظرف هو إنسان يجهل أو يتجاهل رغبة الشعب الجزائري العيش في كنف الأمن والأمان، إلا أن قائد الأركان أكد أن توفير الأمن والمحافظة عليه يتطلب التطبيق الصارم والدقيق لمضمون رؤية وافـية ومتكاملة ذات أبعاد استراتيجية عميقة وبعيدة النظر، التي تكفل في خلاصتها للشعب الجزائري حق العيش في أمن وأمان، وما ذلك إلا واجب من الواجبات الأكيدة التي يتولى إتمامها الجيش الوطني الشعبي، بحكم مهامه الدستورية.

قد يبدو من الوهلة الأولى أن خطاب نائب وزير الدفاع الوطني غير واضح ولا يستجيب لتطلعات الشعب الرافضة لاستمرار النظام الحالي إلا أن عدم اتضاح الرؤية وعدم وجود معلومات كافية عمن يقف وراء الجماهير التي احتلت الشوارع والساحات العمومية في القطر الجزائري بتاريخ 22 فبراير هو ما جعل مؤسسة الجيش تتخذ موقفا هو أقرب منه إلى الحياد في انتظار إكتمال صورة المشهد، وهو ما تأكد من خلال الخطاب الذي ألقاه الفريق أحمد قايد صالح أمام أفراد الوحدات المشاركة في التمرين التكتيكي بالذخيرة الحية "رعد الصّحراء" في اليوم الثاني للزيارة التفقدية للناحية العسكرية السادسة، وكذا في اليوم الثالث للزيارة بعد تفقد مدرسة أشبال الأمة بتمنراست وترأس اجتماع عمل بمقر قيادة الناحية.

تصريح 5 مارس: في زيارة عمل وتفتيش إلى الأكاديمية العسكرية لشرشال "الرئيس الراحل هواري بومدين"، حافظ الفريق أحمد قايد صالح على نفس الريتم وأكد موقف المؤسسة العسكرية في حرصها على الحفاظ على أمن البلاد ووحدته واستقراره فذكر بجسامة المهام العظيمة التي يتولاها الجيش الوطني الشعبي، والجهود المضنية والحثيثة التي يبذلها أفراده في جميع مواقع تواجدهم وفي كل الظروف في صورة التزام بضرورة حفظ حرمة كل شبر من تراب الجزائر الغالية، وكذا الحرص على القيام بالمهام الشريفة الموكولة له صونا لأمن الوطن وحماية لاستقلاله وسيادته واستقراره.

كما أشاد الفريق قائد أركان الجيش الوطني الشعبي بالرابطة القوية بين الشعب الجزائري وجيشه والتي ما انفكت تتقوى يوما بعد يوم، ونوه بغزارة آيات التواد والتراحم والتعاطف والتضامن والأخوة الصادقة التي ما انفكت تتقوى عراها بينه وبين شعبه، وذلك في إشارة واضحة ترمي إلى قطع الطريق أمام كل الأطراف التي تسعى إلى زرع الفتنة بين الشعب الجزائري وجيشه.

تصريح 10 مارس: بالمدرسة الوطنية التحضيرية لدراسات مهندس بالرويبة، ترأس نائب وزير الدفاع الوطني اجتماعا للإطارات المكلفين بالتكوين بالجيش الوطني الشعبي، ومن خلال كلمته التوجيهية التي بُثت إلى كافة مؤسسات التكوين باستعمال تقنية المحضرات عن بعد، أكد ما جاء في تصريحه السابق بالرابطة القوية النابضة بالحياة التي تشد الشعب الجزائري لجيشه، وهي الرابطة التي يشهد على قوتها ومتانتها ذلك التفاعل العاطفي الذي ما فتئ يعبر على نفسه بكل عفوية من خلال صور التضامن والتلاحم بين الشعب وجيشه في كل الظروف والأحوال، كما لمح الفريق أحمد قايد صالح إلى توافق النظرة المستقبلية للجيش الشعبي الوطني والشعب الجزائري لجزائر الغد المستمدة من العلم بخفايا عالم لا يرحم، يطبعه الغليان ويموج بالعديد من الأحداث والمتغيرات الطارئة والمدبرة.

تصريح 13 مارس: بعد إعلان تأجيل رئاسيات أفريل 2018، وبعد الرسالة التي أعلن من خلالها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة عدم ترشحه لولاية خامسة، لم يتردد الفريق أحمد قايد صالح خلال ترؤسه الدورة الثانية عشر للمجلس التوجيهي للمدرسة العليا الحربية في الافتخار مرة أخرى بعظمة العلاقة وعظمة الثقة التي تربط الشعب بجيشه في كل وقت وحين، بل تعهد بأن أمن الجزائر واستقرارها وسيادتها الوطنية ووحدتها الشعبية والترابية أمانة غالية ونفيسة موضوعة في عنق مؤسسة الجيش الوطني الشعبي ومهمة أصيلة للقوات المسلحة مما يجعلها هاجسها الأول، وشغلها الشاغل. لكن الجديد في تصريحات الفريق أنه هاجم من وصفهم بأعداء الشعب الجزائري في الداخل والخارج الذين يتقنون اقتناص الفرص والاصطياد في المياه العكرة، ويتقنون فنون التأويلات الخاطئة والمغرضة.

تصريح 18 مارس: من الجنوب الغربي الجزائري، وخلال كلمته التوجيهية إلى جميع وحدات الناحية العسكرية الثالثة واكب الفريق نائب وزير الدفاع الوطني التطورات التي عرفتها الجزائر بعد قرابة شهر من الحراك الشعبي تخللته عدة وقفات احتجاجية لمختلف شرائح المجتمع إضافة إلى 4 مسيرات مليونية شهدتها ولايات الوطن كل يوم جمعة، حيث أشاد بسلمية التظاهرات من خلال تأكيده أن الشعب الجزائري أثبت حسا وطنيا حضاريا عاليا، ينمّ عن وعي شعبي عميق أذهل الجميع في كافة أصقاع العالم، كما غازل الفريق الجماهير المتظاهرة وتعهد أمام الله، أمامها وأمام التاريخ بأن الجيش الوطني الشعبي سيكون دوما الحصن الحصين للشعب والوطن في جميع الظروف والأحوال، لكن هذا دوما في الإطار الدستوري لمهام المؤسسة العسكرية القاضي بضرورة عدم تدخلها في الحياة السياسية بأي شكل من الأشكال.

تصريح 26 مارس: يعتبر التصريح الذي أطلقه قائد أركان الجيش في خضم زيارة العمل والتفقد للناحية العسكرية الرابعة بورقلة من خلال كلمته أمام وحدات الناحية بمثابة المنعرج في موقف المؤسسة العسكرية تجاه الحراك الشعبي بعد 5 مسيرات مليونية كل يوم جمعة ناهيك عن العشرات من الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات السلمية عبر جميع مناطق الوطن، حيث أدرك وعي الشعب الجزائري المطالب بتغييرات سياسية جذرية على الرغم من انسحاب الرئيس السابق من الترشح لولاية رئاسية جديدة، حيث دعا الجميع على ضرورة نكران الذات وتغليب المصالح العليا للوطن بغية إيجاد حل يندرج حصرا في الإطار الدستوري الذي يعد الضمانة الوحيدة للحفاظ على وضع سياسي مستقر، خاصة في ظل التخوف من استغلال المسيرات من قبل أطراف معادية في الداخل والخارج، ذات النوايا السيئة، والتي تلجأ إلى القيام بمناورات مشبوهة بهدف زعزعة استقرار البلاد.

موقف مؤسسة الجيش الشعبي الوطني من الهبة الشعبية أصبح أكثر وضوحا مما سبق خاصة في ظل إعلان رئيس قيادة الأركان أن الحل الذي يكفل الخروج من الأزمة، ويستجيب للمطالب المشروعة للشعب الجزائري يجب أن يضمن احترام أحكام الدستور واستمرارية سيادة الدولة، بشكل يؤدي إلى تحقيق توافق رؤى جميع الأطراف، وهو الحل المنصوص عليه في الدستور في مادته 102 التي تعالج طرحي إستقالة الرئيس أو إستحالة ممارسة مهامه بسبب مرض خطير ومزمن.

أحمد قايد صالح ليس من صلاحياته الدستورية تطبيق المادة 102 لذلك فهو لم يعلن عن تطبيقها لكنه طلب ذلك، ورمى الكرة في مرمى البرلمان والمجلس الدستوري لتولي مسؤولياتهما أمام الشعب وأمام التاريخ وهو بذلك فقد حافظ على الشرعية الدستورية الضامنة لاستقرار الدولة واستمراريتها.

تصريح 30 مارس: بمقر قيادة أركان الجيش الوطني الشعبي وخلال ترؤسه اجتماعا ضم إطارات المؤسسة العسكرية، ولدراسة تطورات الأوضاع السائدة في البلاد بعد اقتراح تفعيل المادة 102 من الدستور على وجه الخصوص، أكد الفريق قائد الأركان على اشتراط أن يندرج حل الأزمة دوما ضمن إطار الشرعية الدستورية ويضع مصالح الشعب الجزائري فوق كل اعتبار، كما أكد أن حل الأزمة لا يمكن تصوره إلا بتفعيل المواد 7 و 8 و 102 من الدستور.

يتضح جليا أن ذكر المادتين 7 و 8 من الدستور في خطاب أحمد قايد صالح واللتان هما مادتي مبادئ تندرج ضمن الفصل الثاني من أسمى القوانين والذي يحمل عنوان "الشعب" يوحي بتفاعل المؤسسة العسكرية مع غالبية الشعب الجزائري الذي رحب من خلال المسيرات السلمية باقتراح الجيش الوطني الشعبي.

من جهة أخرى حذر نائب وزير الدفاع أعداء الداخل والذي وصفهم على عكس بياناته السابقة بـ "بعض الأطراف" والتي عقدت اجتماعا سريا تهدف من ورائه إلى شن حملة إعلامية شرسة الجيش الوطني الشعبي وإيهام الرأي العام بأن الشعب الجزائري يرفض تطبيق المادة 102 من الدستور، ووعد بالتصدي لهم بكل الطرق القانونية بشكل مباشر يقر بأن المؤسسة العسكرية صعدت اللهجة ضد كل من يحاول تقديم اقتراحات لا تتماشى مع الشرعية الدستورية الضامن الوحيد للاستقرار العام للوطن.

تصريح 2 أفريل: في اجتماعه الآخر بإطارات المؤسسة العسكرية لا سيما قادة النواحي العسكرية الست، وهو الاجتماع الذي خصص دوما لمتابعة التطورات المرتبطة بالاقتراح الذي تقدم به الجيش الوطني الشعبي الرامي إلى تفعيل المواد 7 و8 و102 من الدستور، فقد أكد الفريق أنه تابع عن كثب تلك المسيرات السلمية التي خرج فيها الشعب الجزائري رافعا مطالب مشروعة، وأشاد بالسلوك الحضاري والمستوى الراقي للوعي والنضج الذي أبانه الشعب الجزائري، طيلة هذه المسيرات، معبرا عن تأييده التام لمطالب الشعب وتطلعاته المشروعة، انطلاقا من قناعته النابعة من تمسكه بالشرعية الدستورية وأن الشعب هو المصدر الوحيد والأوحد للسلطة,

كما أكد نائب وزير الدفاع الوطني على ضرورة إيجاد حل لهذه الأزمة في أقرب الآجال، وهاجم من يعملون على إطالة عمر الأزمة وتعقيدها، وذكر بالخصوص الجهات غير الدستورية في إشارة منه إلى شقيق الرئيس السابق المستشار بالرئاسة السعيد بوتفليقة والتي أصدرت بيان رئاسة الجمهورية ليوم 1 أبريل 2019 الذي يتحدث عن اتخاذ قرارات هامة تخص المرحلة الانتقالية، قرارات أكدت مؤسسة الجيش على رفضها جملة وتفصيلا إذا ما كان سيتم اتخاذها خارج الإطار الدستوري، وبهذا تكون قد قطعت الطريق أمام محيط الرئيس السابق وكذا الدولة العميقة وأثبتت أن إقتراح تطبيق المادة 102 ليس اقتراحا شخصيا لأحمد قايد صالح بقدر ما هو اقتراح للمؤسسة كلها، وذلك ردا على الأصوات التي حاولت التفريق بين رئيس الأركان والمؤسسة بأكملها، وهو ما أحرق ورقة إمكانية تقسيم الجيش وإحداث صراعات داخلية فيه.

تصريح 10 أفريل: استجابة لمطالب الشعب وكذا الاقتراح المؤكد لمؤسسة الجيش بتطبيق المادة 102 من الدستور قدم الرئيس السابق استقالته بتاريخ 2 أبريل ليجتمع بعدها بـ 24 ساعة المجلس الدستوري لإعلان شغور منصب الرئيس ويبلغ فورا شهادة التّصريح بالشغور النهائي إلى البرلمان بغرفتيه الذي اجتمع وجوب بتاريخ 9 أبريل تم من خلاله ترسيم حالة شغور منصب رئيس الجمهورية وتولى بعدها رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح مهام رئيس الدولة لمدة 90 يوما تنظم خلالها انتخابات رئاسية، محظور دستوريا أن يترشح لها هذا الأخير.

كل هذه الأحداث المتسارعة استغلها أحمد قايد صالح لتمرير رسالته إلى فرنسا خلال اللقاء التوجيهي الذي ألقاه بمقر الناحية العسكرية الثانية، حيث هاجمها بشدة وأعاب على دفعها لبعض الأشخاص إلى واجهة المشهد وفرضهم كممثلين عن الشعب تحسبا لقيادة المرحلة الانتقالية، وتنفيذ مخططاتهم الرامية إلى ضرب استقرار البلاد من خلال رفع شعارات تعجيزية ترمي إلى الدفع بالبلاد إلى الفراغ الدستوري في إيحاء واضح لشعار "يتنحّاو قاع"، كما رفضت المؤسسة العسكرية على لسان قائدها هدم مؤسسات الدولة والوصول إلى إعلان الحالة الاستثنائية، فقد أكدت أن المرحلة الانتقالية التي ستتم بمرافقة الجيش الوطني الشعبي لن تكون إلا من خلال وجود مؤسسات دستورية تنظم وتشرف على هذه الفترة.

الفريق في خطابه هذا، وعلى غير عادته طلب من كافة أبناء الشعب الجزائري التحلي بالصبر والوعي والفطنة، من أجل تحقيق المطالب الشعبية والخروج بالجزائر إلى بر الأمان وتفاديا لأي صدام قد يحدث بين الشعب وجيشه جراء اختلاف الرؤى المستقبلية المتعلقة بإيجاد الحلول لتجاوز المحنة.

الرجل خلال معرض حديثه أعلن عن استعادة القضاء لحريته بما يؤهله للقيام بواجباته خلال المرحلة القادمة لا سيما متابعة كل أفراد "العصابة" التي تورطت في قضايا نهب المال العام واستعمال النفوذ لتحقيق الثراء بطرق غير شرعية. كما طمأن أن المتابعة ستطول أيضا ملفات الفساد الثقيلة السابقة كقضايا الخليفة وسوناطراك والبوشي وغيرها.

تصريح 16 أفريل: يبدو أن مؤسسة الجيش الشعبي الوطني تختار دوما الناحية العسكرية كمنصة لإطلاق الصواريخ الباليستية على لسان قائدها، ففي لقاء جمعه بإطارات وأفراد القطاع العملياتي شمال شرق إن أمناس عقب تنفيذ تمرين بياني بالذخيرة الحية "النجم الساطع 2019"، وجه للجنرال "توفيق" عراب الدولة العميقة آخر إنذار وذكره بصفته العسكرية السابقة وهذا قبل الشروع في اتخاذ اجراءات قانونية صارمة ضده إن لم يكف عن النشاط ضد إرادة الشعب والعمل على تأجيج الوضع، والاتصال بجهات مشبوهة والتحريض على عرقلة مساعي الخروج من الأزمة.

رسالة أخرى مرره أحمد قايد صالح للشعب من خلال مطالبته مرة أخرى بالتحلي بالصبر والتفهم ونبذ العنف مؤكدا على أن الجيش يتفهم مطالبه المشروعة ويلتزم بالعمل معه على تجسيدها كاملة، ومعربا عن حمايته لاسيما أثناء المسيرات وهذا انطلاقا من متانة الثقة التي تربط الشعب بجيشه الذي يحرص حرصا تاما على عدم إراقة قطرة دم جزائري واحدة.

الجيش ومن خلال نائب وزير الدفاع لم يتوان مرة أخرى في الدفاع عن الحل الدستوري في تسيير المرحلة الانتقالية، لكنه أشار إلى أن كافة الآفاق الممكنة تبقى مفتوحة في سبيل التغلب على مختلف الصعوبات وإيجاد حل للأزمة في أقرب الأوقات، بما يخدم المصلحة العليا للوطن بغض النظر عن مصلحة الأشخاص، كما دعا مؤسسة القضاء إلى التسريع من وتيرة متابعة قضايا الفساد ونهب المال العام ومحاسبة كل من امتدت يده إلى أموال الشعب، وهذا تجسيدا لجانب مهم من المطالب المشروعة للحراك.

تصريح 23 أفريل: من الناحية العسكرية الأولى بالبليدة دافع مرة أخرى الفريق قائد أركان الجيش الشعبي الوطني عن الخيار الدستوري وعن مؤسسات المرحلة الانتقالية، فصرح عن امتعاضه لعدم تلبية ندوة الحوار التي دعت إليها رئاسة الدولة، وكذا عرقلة عمل مؤسسات الدولة ومنع المسؤولين من أداء مهامهم في إشارة إلى ما عرفته بعض خرجات بعض الوزراء للولايات من أحداث، كما أكد أن الجيش الشعبي الوطني قد التزم بمرافقة هذه المؤسسات وفقا للدستور، ونبه الشعب الجزائري إلى عدم الوقوع في فخ التعميم وإصدار الأحكام المسبقة على نزاهة وإخلاص إطارات الدولة الحريصين على ضمان استمرارية مؤسسات الدولة وضمان سير الشأن العام.

الجديد في خرجة أحمد قايد صالح هذه هو أنه جاء فيها رد صريح على التساؤلات غير البريئة لبعض الأبواق التي كانت تصب في مجرى "أين كان الجيش قبل هذا؟"، فأكد أن المؤسسة العسكرية ومن خلال أجهزتها الاستخباراتية كانت على دراية بكل المخططات الخبيثة للوصول بالبلاد إلى حالة الانسداد، الذي تعود بوادرها إلى سنة 2015 عقب إقالة الجنرال "توفيق"، حيث تم كشف خيوط هذه المؤامرة وخلفياتها، وهي تعمل بكل هدوء وصبر على تفكيك الألغام التي زرعها أولئك الفاسدون المفسدون في مختلف القطاعات والهياكل الحيوية للدولة.

كما لم ينس رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي طمأنة الشعب الجزائري بأنه سيد في قراراته وأنه هو من سيفصل في الأمر عند انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، الذي تكون له الشرعية اللازمة لتحقيق ما تبقى من مطالب الشعب المشروعة، وكأن المؤسسة العسكرية تعهدت مبدئيا بضمان نزاهة الانتخابات الرئاسية المعلن عنها من طرف رئاسة الدولة والتي ستكون بتاريخ 4 يوليو القادم.

تصريح 30 أفريل: بعد انتهاء التمرين القتالي بالذخيرة الحية "الثبات 2019" بالناحية العسكرية الخامسة، وبالمدرسة العليا للقوات الخاصة ببسكرة ترأس الفريق لقاء توجيهيا ألقى خلاله كلمة أبان فيها عن "ثبات" مواقف المؤسسة العسكرية من خلال تدعيمها للخيار الدستوري في حل الأزمة الراهنة وتفاديا لأي حالة من حالات الشغور الدستوري التي ستخلق لا محالة جوا من الفوضى واللاإستقرار.

كما أكدت مؤسسة الجيش الشعبي الوطني سعياها اللامتناهي لتلبية مطالب الشعب الملحة وفقا للدستور وقوانين الجمهورية، حيث قدمت قيادته الضمانات الكافية وتعهدت بمرافقة جهاز العدالة في أداء مهامها النبيلة والحساسة، من خلال محاسبة "كل" من تورط في نهب المال العام وتبديد خيرات البلاد خاصة بعد أن تحرر هذا الجهاز من جميع القيود والضغوطات والإملاءات.

وتدعيما لخطابه السابق فقد تعهد القيد أحمد صالح أمام الشعب الجزائري بتهيئة الظروف الملائمة لتنظيم انتخابات رئاسية في أقرب وقت ممكن، باعتبارها الآلية الدستورية التي تسمح بانتخاب رئيس جمهورية له الشرعية والصلاحيات لتحقيق المطالب الشعبية المشروعة والوسيلة الوحيدة للخروج من الأزمة والتصدي لكل التهديدات والمخاطر المحدقة بالوطن وإفشال كافة المخططات المعادية الرامية إلى ضرب وحدته واستقراره.
بلعيد سايح جبور
باحث أكاديمي بجامعة الشلف


إرسال تعليق

المشاركة على واتساب متوفرة فقط في الهواتف